طب دايلي

النوم وخطر الإصابة بمرض السكري

sugar, the meter, diabetes-3488143.jpg

يلعب النوم دورًا مهمًا في صحتنا ورفاهيتنا بشكل عام، حيث إنه لا يساعد فقط في الإحساس بالراحة واستعادة الطاقة، بل إنه ضروري أيضًا للحفاظ على وظائف التمثيل الغذائي في الجسم. ألقت الأبحاث الحديثة الضوء على العلاقة المثيرة للاهتمام بين النوم وخطر الإصابة بمرض السكري، وقد اتضح أن مدة النوم وجودته يمكن أن يكون لهما تأثير كبير على قابليتنا للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. في هذه المقالة، سوف نستكشف أحدث ما توصلت له الأبحاث العلمية ونتعمق في الآليات الكامنة وراء هذا الارتباط.

العلاقة بين عدد ساعات النوم وخطر الإصابة بالسكري

تشير دراسة جديدة عُرضت في مؤتمر ENDO 2023 في شيكاغو إلى أن كلاً من فترات النوم غير الكافية والمفرطة على حد سواء يرتبطان بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري. وجد الباحثون أن الأفراد الذين ينامون أقل من ست ساعات أو أكثر من عشر ساعات في الليلة لديهم احتمالية أكبر للإصابة بهذه الحالة. ومن المثير للاهتمام أن أعلى نسبة خطر وجدت عند أولئك الذين ينامون أكثر من عشر ساعات.

تُمثَل هذه العلاقة بين مدة النوم وخطر الإصابة بمرض السكري بمنحنى على شكل حرف U، وهو ما يعني أن كلاً من النوم غير الكافي والمفرط قد يكون لهما آثار ضارة على صحة الأيض الغذائي.

الأسباب الكامنة وراء هذا الارتباط ليست مفهومة بالكامل بعد. ومع ذلك، يتوقع الباحثون أن  وجود خلل في إنتاج الأنسولين أو استهلاكه بسبب النعاس قد يلعب دورًا مهما في هذه العلاقة.  أظهرت المجموعة ذات مدة النوم الأطول في الدراسة انخفاضًا في مؤشر الأنسولين (وهو مؤشر على وظيفة إفراز الأنسولين). تعتبر مقاومة الأنسولين وقلة إفراز الأنسولين من العوامل الرئيسية في الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. لذلك، فمن المنطقي استنتاج أن أنماط النوم المضطربة يمكن أن تساعد في خلل هذه العمليات، مما يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري.

تأثير جودة النوم على خطر الإصابة بالسكري

بالإضافة إلى مدة النوم، اتضح أن جودة النوم تؤثر أيضًا على قابليتنا للإصابة بمرض السكر. ترتبط جودة النوم السيئة، المتمثلة في الاستيقاظ المتكرر أو صعوبة النوم، بزيادة خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني. يمكن لاضطرابات النوم أن تسبب خللاً بالساعة البيولوجية الطبيعية للجسم، والتي تنظم العمليات الفسيولوجية المختلفة، بما في ذلك أيض الجلوكوز. يمكن أن يؤدي حدوث خلل في هذا التوازن الدقيق إلى مقاومة الأنسولين وضعف التحكم في نسبة الجلوكوز بالدم، مما يساهم في الإصابة بمرض السكري.

التعرف على آلية العلاقة: مقاومة وإفراز الأنسولين

لفهم العلاقة بين النوم ومخاطر الإصابة بمرض السكري، من الضروري الخوض في الآليات التي تكمن وراء هذا الارتباط. يلعب النوم دورًا مهمًا في تنظيم حساسية الأنسولين وإفرازه، وكلاهما عاملان أساسيان في الحفاظ على نسبة الجلوكوز في الدم وفق المعدلات الطبيعية. يمكن أن تؤدي مقاومة الأنسولين -وهي حالة تصبح فيها خلايا الجسم أقل استجابة للأنسولين- إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم وتطور مرض السكري من النوع الثاني. وثَبُت أن الحرمان من النوم وقلة جودة النوم يعطلان مسارات إشارات الأنسولين، ويضعفان من امتصاص الخلايا للجلوكوز ويساهمان في مقاومة الأنسولين.

علاوة على ذلك، يمكن أن يؤثر الحرمان من النوم أيضًا على إفراز الأنسولين عن طريق تغيير وظيفة خلايا بيتا في البنكرياس، المسؤولة عن إنتاج الأنسولين وإفرازه. أظهرت الدراسات أن الحرمان من النوم يمكن أن يؤدي إلى انخفاض إفراز الأنسولين وضعف وظيفة خلايا بيتا، مما يؤدي إلى تفاقم خطر الإصابة بمرض السكري. تسلط هذه النتائج الضوء على الارتباط المعقد بين النوم ومقاومة الأنسولين وإفرازه والعواقب المحتملة على صحة التمثيل الغذائي.

استراتيجيات لتحسين النوم وتقليل خطر الإصابة بالسكري

نظرًا للتأثير الكبير للنوم على مخاطر الإصابة بمرض السكري، فمن المهم إعطاء الأولوية لجودة النوم الجيدة واعتماد استراتيجيات لتحسين مدة النوم وجودته. فيما يلي بعض التوصيات المثبتة بالأدلة العلمية لتحسين نومك وتقليل خطر الإصابة بمرض السكري:

اسعَ للحصول علي فترة نوم كافية

تشير الأبحاث إلى أن كلاً من قصر مدة النوم (أقل من ست ساعات) والنوم الطويل (أكثر من عشر ساعات) يرتبطان بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري. لتحسين عملية الأيض الغذائية، استهدف مدة نوم  تتراوح بين سبع إلى تسع ساعات في الليلة تقريبًا إذا كنت من البالغين. يوصى بهذا المعدل بشكل عام للحفاظ على الصحة العامة والرفاهية.

حافظ علي جدول نوم ثابت

يعد انتظام نومك أمرًا ضروريًا للحفاظ على ساعة بيولوجية صحية. حاول الذهاب للنوم والاستيقاظ في نفس الوقت كل يوم، حتى في عطلات نهاية الأسبوع، لتأسيس روتين نوم ثابت. سيساعد هذا الاتساق في تنظيم الساعة البيولوجية لجسمك وتحسين جودة نومك.

اصنع بيئة مساعدة للنوم

يمكن أن يساهم تحسين بيئة نومك بشكل كبير في تحسين جودة النوم. حافظ على غرفة نومك في درجة حرارة غير مرتفعة واخلق بيئة نوم مظلمة وهادئة. اشتر مرتبة ووسائد داعمة -إذا كان باستطاعتك- لضمان الراحة أثناء النوم. بالإضافة إلى ذلك، ينصح باستخدام ستائر معتمة لحجب أي ضوء غير مرغوب فيه قد يعطل نومك.

مارس أساليب الاسترخاء

يمكن أن تساعد تقنيات الاسترخاء قبل النوم في تحضير جسمك وعقلك للنوم. جرّب تمارين التنفس العميق أو التأمل أو أخذ حمام دافئ. يمكن أن تساعد هذه الممارسات في تقليل التوتر وتعزيز الشعور بالاسترخاء، مما يسهل عليك الانخراط في النوم بصورة أسرع مع الحفاظ على نوم مريح طوال الليل.

قلل من المحفزات والأجهزة الإلكترونية

يمكن أن تؤثر بعض المواد المحفزة والأجهزة الإلكترونية سلبيا على جودة نومك. تجنب تناول المواد المنشطة مثل الكافيين والنيكوتين قبل وقت النوم، إذ إنها قد تعطل قدرتك على النوم. بالإضافة إلى ذلك، حد من استخدام الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة قبل النوم. يمكن للضوء الأزرق المنبعث من هذه الأجهزة أن يحد من إنتاج الميلاتونين، وهو هرمون ينظم النوم، مما يجعل النوم أكثر صعوبة. بدلاً من ذلك، انخرط في أنشطة مهدئة مثل قراءة الكتب أو الاستماع إلى موسيقى مهدئة قبل النوم.

تبنى نمط حياة صحي

يمكن أن يسهم العيش بأسلوب حياة صحي بشكل كبير في تحسين جودة النوم وتقليل مخاطر الإصابة بمرض السكري. مارس نشاطًا رياضيا بانتظام واعتمد نظامًا غذائيًا متوازنًا وحاول أن تعالج التوتر وتقلل من محفزاته. ثبت أن التمارين المنتظمة تعمل على تحسين جودة النوم وتعزيز الصحة بشكل عام. يمكن لنظام غذائي غني بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات والتقليل من الدهون أن يدعم أنماط النوم الصحية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد تقنيات مقاومة التوتر مثل التأمل اليقظ أو اليوجا في تعزيز النوم بشكل أفضل.

الملخص

تعتبر العلاقة بين النوم وخطر الإصابة بمرض السكري مجال بحث معقد. تشير الدلائل إلى أن كلاً من مدة وجودة النوم يمكن أن تؤثر بشكل كبير على قابليتنا للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.  يمكن أن يقلل كل من النوم القليل والنوم المفرط والنوم سيئ الجودة من حساسية الأنسولين وإفرازه، مما يؤدي إلى مقاومة الأنسولين وضعف التحكم في نسبة الجلوكوز بالدم. لتقليل مخاطر الإصابة بمرض السكري، من الضروري إعطاء الأولوية للنوم الصحي واعتماد استراتيجيات لتحسين مدة النوم وجودته. من خلال السعي للحصول على مدة نوم مثالية، والحفاظ على جدول نوم ثابت، وخلق بيئة صديقة للنوم، وممارسة تقنيات الاسترخاء، والحد من المنشطات والأجهزة الإلكترونية، واعتماد أسلوب حياة صحي، يمكننا تعزيز النوم بشكل أفضل ودعم الأيض الغذائي.

المصادر:

  1. https://www.healthline.com/health-news/too-much-or-too-little-sleep-may-raise-your-risk-of-diabetes
  2. https://www.medicalnewstoday.com/articles/type-2-diabetes-risk-linked-to-sleep-duration-and-sleep-quality-study-finds
  3. https://www.endocrine.org/news-and-advocacy/news-room/2023/endo-2023-press-kim#:~:text=Fewer%20than%20six%20hours%20or,annual%20meeting%20in%20Chicago%2C%20Ill.
  4. https://www.sleepmattresshq.com/about/
  5. https://www.healthline.com/health/healthy-sleep/circadian-rhythm
  6. https://www.healthline.com/health/healthy-sleep/best-comforters
  7. https://www.healthline.com/health/meditation-for-sleep
  8. https://www.healthline.com/nutrition/block-blue-light-to-sleep-better
  9. https://www.healthline.com/health/stress

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Optimized by Optimole