طب دايلي

ارتفاع البيليروبين

د/ محمد البلتاجي

يعتبر فرط البيليروبين في الدم حالة سريرية تصف ارتفاع مستوى البيليروبين في الدم بسبب عدم القدرة على تمثيله أو إخراجه بشكل صحيح، وينتج البيليروبين عن تحلل كريات الدم الحمراء. وفي الحالات الشديدة، يتجسد في صورة يرقان الأنسجة مثل الجلد والصلبة العينية عندما يتراكم البيليروبين الزائد فيها.

يُعتبر تركيز البيليروبين الأكبر من 3 ملغم/مل فرط بيليروبين، ويصبح اليرقان واضحًا تدريجيًا عندما تصل مستويات البلازما إلى 20 ملغم/مل. لا يعد فرط البيليروبين مرضًا بحد ذاته، بل يعكس وجود مشاكل بالكبد أو القناة الصفراوية أو الدم.

ويعتمد تشخيص فرط البيليروبين على الفحص الطبي البدني وتحاليل البول والدم وتاريخ المرض والتصوير بالأشعة لتحديد السبب، والذي غالبا ما ينشأ بشكل رئيسي من مشاكل الكبد، أو فقر الدم التحللي، والاضطرابات الإنزيمية، وحصوات المرارة.

غالبًا ما يكون فرط البيليروبين نفسه حالة غير ضارة، ولكن في الحالات الشديدة قد يؤدي إلى حدوث اليرقان النووي، وهو نوع من الإصابات الدماغية.

عندما يكون هناك ارتفاع في مستوى البيليروبين، يمكن أن يتسبب في ظهور أعراض مختلفة، وقد يدل هذا الارتفاع على وجود مشكلة صحية أكثر خطورة. في هذه المقالة، سنناقش بالتفصيل أسباب ارتفاع البيليروبين وأعراضه عند البالغين وحديثي الولادة.

أسباب ارتفاع البيليروبين عند البالغين

توجد العديد من الأسباب المحتملة لارتفاع مستوى البيليروبين لدى البالغين، ومن بين هذه الأسباب

إحدى الأسباب المحتملة هي حصوات المرارة، والتي تحدث عندما تتصلب مواد مثل الكوليسترول أو البيليروبين في المرارة. تشمل أعراض حصوات المرارة ألمًا في الجزء العلوي الأيمن من البطن وآلام الظهر والغثيان والقيء.

أمراض الكبد هي سبب آخر محتمل لارتفاع مستويات البيليروبين. يمكن أن يتنج فرط البيليروبين عن تليف الكبد أو سرطان الكبد أو اضطرابات المناعة الذاتية مثل التهاب الكبد المناعي الذاتي أو التهاب الأقنية الصفراوية الأولي. قد تشمل أعراض أمراض الكبد اليرقان وآلام البطن والوذمة والإرهاق والغثيان والقيء والبول الداكن والشحوب ووجود دم في البراز أو تحوله للون الأسود والشعور بالحكة في الجلد.

سبب آخر هو متلازمة جيلبرت، وهي حالة وراثية في الكبد تؤدي إلى تراكم البيليروبين في مجرى الدم. على الرغم من أنه لا يسبب أعراضًا في كثير من الأحيان، إلا أنه يمكن أن يؤدي إلى اليرقان والغثيان والقيء والإسهال وألم في البطن.

يمكن أن يتسبب التهاب القناة الصفراوية في عدم تصريف الصفراء بشكل صحيح، مما يؤدي إلى زيادة مستويات البيليروبين. قد تشمل أعراض التهاب القناة الصفراوية البراز شاحب اللون، والبول الداكن، واليرقان، والحكة، والغثيان، والقيء، وفقدان الوزن غير المبرر، والحمى.

يمكن أن يؤدي التهاب الكبد الناتج عن عدوى فيروسية إلى ارتفاع مستويات البيليروبين. تشمل أعراض التهاب الكبد اليرقان والإرهاق والبول الداكن وآلام البطن والغثيان والقيء.

يؤدي الركود الصفراوي داخل الكبد للحامل، وهو حالة مؤقتة يمكن أن تحدث خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل، إلى إبطاء تصريف الصفراء أو توقفه. يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع مستويات البيليروبين وأعراض أخرى مثل حكة اليدين، واليرقان، وأعراض حصوة المرارة.

أخيرًا، فقر الدم الانحلالي هو حالة تتفكك فيها خلايا الدم بسرعة كبيرة في مجرى الدم. تشمل أعراض فقر الدم الانحلالي الشعور بالإرهاق وصعوبة التنفس والصداع وآلام الصدر والبطن واليرقان وبرودة اليدين أو القدمين. يمكن أن ينتقل المرض وراثيًا أو بسبب أمراض المناعة الذاتية أو العدوى أو تضخم الطحال.

أسباب ارتفاع البيليروبين عند حديثي الولادة

عند حديثي الولادة، يمكن أن يكون ارتفاع مستوى البيليروبين نتيجة لعدة أسباب، ومن بينها:

اليرقان الفسيولوجي، وهو نوع طبيعي من اليرقان يحدث خلال الأيام الأولى من الحياة، حيث تكون قدرة الأطفال حديثي الولادة على إزالة البيليروبين أقل من البالغين. قد يكون من الصعب تحديد ما إذا كان اليرقان ناتجًا عن مشكلة أخرى.

فشل الرضاعة الطبيعية: يحدث اليرقان عندما لا يرضع الأطفال بشكل فعال أو كاف، و يؤدي ذلك إلى الجفاف وقلة التبول، مما يؤدي إلى تراكم البيليروبين في الجسم. عادة ما تختفي المشكلة بمجرد أن يتعلم الطفل الرضاعة الطبيعية بشكل صحيح.

يصيب يرقان حليب الأم حوالي 2٪ من الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية، ويظهر عادةً في الأسبوع الأول من الحياة ويبلغ ذروته في عمر أسبوعين، ويمكن أن يستمر لمدة تصل إلى 12 أسبوعًا. ليس يرقان حليب الأم خطيرا، ولكن قد يكون من الضروري إجراء مزيد من الاختبارات لاستبعاد الحالات والأسباب الأخرى.

يحدث اليرقان الناتج عن انحلال الدم عند الأطفال المصابين بداء ريسوس، أو المصابين بحالات نادرة تكون فيها خلايا الدم الحمراء أكثر هشاشة من المعتاد، مما يؤدي إلى تكسير الخلايا وإفراز البيليروبين.

قد يؤدي ضعف وظائف الكبد لدى الطفل حديث الولادة الناتج عن عدوى أو عوامل أخرى إلى حدوث يرقان أو ارتفاع مستوى البيليروبين في الدم، إذ إن الكبد هو العضو الرئيسي في عملية إزالة البيليروبين من الجسم.

يعتبر الأطفال الذين يولدون لأمهات مصابات بداء السكري معرضين بشكل أكبر للإصابة بفرط بيليروبين الدم.

أعراض ارتفاع البيليروبين عند حديثي الولادة

تختلف الأعراض التي يمكن أن يظهرها ارتفاع مستوى البيليروبين لدى حديثي الولادة باختلاف درجة الارتفاع والسبب، ويمكن أن تشمل اصفرار الجلد والعينين وسوء التغذية ونقص الطاقة وقد تؤدي إلى خلل في الدماغ إذا وصل لمستويات شديدة الارتفاع. من الضروري التماس العناية الطبية من أجل الوصول إلى التشخيص المناسب.

كيف يتم تشخيص فرط بيليروبين الدم عند حديثي الولادة؟

توقيت الظهور

يعد توقيت ظهور اليرقان عاملا حاسما في التشخيص. يمكن أن يوفر توقيت ظهور اليرقان لأول مرة معلومات قيمة للطبيب.

إذا أصيب المولود الجديد باليرقان خلال الـ 24 ساعة الأولى من حياته، فقد يشير ذلك إلى شكل حاد من اليرقان يتطلب علاجًا سريعًا.

عادةً ما يكون اليرقان الذي يظهر في اليوم الثاني أو الثالث يرقانًا فسيولوجيًا، ولكنه قد يكون أيضًا نوعًا أكثر حدة، مما يجعل من الضروري التأكد من حصول الطفل على ما يكفي من الحليب.

قرب نهاية الأسبوع الأول، قد يكون سبب اليرقان هو حليب الثدي، أو العدوى، أو ربما إحدى الأمراض النادرة.

عادةً ما يكون اليرقان الذي يبدأ في الأسبوع الثاني ناتجا عن رضاعة لبن الأم، ولكنه قد ينتج أيضًا عن مشاكل نادرة في الكبد.

اختبارات

قد يقوم مقدم الرعاية الصحية بإجراء اختبارات مثل قياس مستويات البيليروبين المباشرة وغير المباشرة. عادةً ما يحتوي اليرقان الفيزيولوجي على مستويات عالية من البيليروبين غير المباشر، في حين أن اليرقان الناجم عن مشاكل أكثر خطورة يمكن أن يحتوي على مستويات عالية من أي نوع من أنواع البيليروبين. قد يجري مقدم الرعاية الصحية أيضًا اختبار تعداد خلايا الدم الحمراء واختبارات فصيلة الدم، بما في ذلك اختبار كومبس.

العلاج

تختلف طرق معالجة ارتفاع مستوى البيليروبين باختلاف السبب ودرجة الارتفاع، ومن بين الطرق المستخدمة:

1- المراقبة الطبية المستمرة للحالة.

2- علاج الأسباب الأساسية التي تسبب ارتفاع مستوى البيليروبين.

3- العلاج بالضوء، والذي يمكن أن يساعد في تفتيت البيليروبين في الدم.

4- تبديل الدم، والذي يتم خلاله استبدال جزء من دم الطفل المصاب بدم سليم. وفي الختام، يمكن القول إن ارتفاع مستوى البيليروبين هو مشكلة صحية شائعة، والتي يمكن أن تحدث لدى البالغين وحديثي الولادة. ويجب البحث عن المساعدة الطبية فورًا إذا ظهرت أي من الأعراض المذكورة أعلاه، حتى يتم تشخيص المشكلة وعلاجها بشكل فعال