طب Daily

النوم ومرض ألزهايمر

brain, question mark, alzheimer's-2546101.jpg

يلعب النوم دورًا مهمًا في الحفاظ على صحتنا، فأهميته لا تتمثل في السماح لأجسامنا باستعادة الطاقة والشعور بالراحة فحسب، بل له أيضًا تأثير عميق على وظائف الدماغ. في السنوات الأخيرة، ركز الباحثون على العلاقة بين النوم ومرض الزهايمر، وهو شكل من أشكال الخرف يصيب ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم. وبينما لا تزال العلاقة الدقيقة بين النوم ومرض الزهايمر تحت الدراسة، أظهرت الدراسات أن مدة وجودة النوم يمكن أن يؤثرا على خطر الإصابة بهذه الحالة.

علاقة النوم بالخرف

يعد الخرف -بما في ذلك مرض الزهايمر- مصدر قلق صحي عالمي يؤثر على ملايين الأفراد. ومع استمرار ارتفاع عدد المصابين بالخرف، يبحث الباحثون في العوامل المختلفة التي قد تساهم في تطوره. أحد هذه العوامل هو النوم. وقد أثبتت الدراسات أن أنماط النوم المضطربة علامة مبكرة للخرف، وغالبًا ما تظهر الأعراض قبل سنوات من التشخيص.

معضلة الدجاجة والبيضة

العلاقة بين النوم والخرف معقدة، و لم يتم فهم السبب والنتيجة بشكل كامل بعد. من غير الواضح ما إذا كانت قلة النوم تؤدي إلى الخرف أو إذا كانت أعراض الخرف المبكرة تعيق النوم. ومع ذلك، تشير الدلائل إلى أن العلاقة بين النوم والخرف ثنائية الاتجاه، حيث يؤثر كل منهما على الآخر.

عدد ساعات النوم وخطر الإصابة بمرض الزهايمر

أوضحت العديد من الدراسات تأثير مدة النوم على خطر الإصابة بمرض الزهايمر. تابعت إحدى الدراسات التي أجراها باحثون في كلية الطب بجامعة هارفارد أكثر من 2800 فرد تتراوح أعمارهم بين 65 وما فوق لمدة خمس سنوات. ووجدت الدراسة أن أولئك الذين ينامون باستمرار أقل من خمس ساعات في الليلة كانوا أكثر عرضة للإصابة بالخرف بمعدل الضعف، وكان معدل الوفيات لديهم أعلى مقارنة بمن ينامون من ست إلى ثماني ساعات كل ليلة.

فحصت دراسة أخرى أجريت في أوروبا بيانات ما يقرب من 8000 مشارك ووجدت أن من ينامون لمدة ست ساعات أو أقل في سن الخمسين والستين والسبعين عانوا من زيادة بنسبة 30٪ في خطر الإصابة بالخرف مقارنة بأولئك الذين لديهم مدة نوم طبيعية (سبع ساعات على الأقل). تسلط هذه النتائج الضوء على أهمية النوم الكافي (خصوصًا في منتصف العمر) لتقليل خطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة.

أمراض النوم والخرف

وُجد أن بعض اضطرابات النوم لها علاقة بالخرف. الأرق هو اضطراب نوم شائع يتميز بصعوبة النوم أو البقاء نائماً، ويرتبط بزيادة خطر الإصابة بالخرف. بالإضافة إلى ذلك، فالأرق الأولي (الذي لا ينتج عن عوامل أخرى مثل الاكتئاب أو تعاطي المخدرات) تم ربطه بارتفاع احتمالية الإصابة بمرض الزهايمر، لا سيما لدى الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 40 عامًا.

انقطاع النفس الانسدادي النومي (OSA)، وهي حالة تسترخي فيها عضلات الحلق أثناء النوم، مما يؤدي إلى انقطاع التنفس، ترتبط أيضًا بزيادة خطر الإصابة بالخرف. يمكن أن تساهم أنماط النوم المتقطعة ونقص الأكسجين الناجم عن انقطاع النفس الانسدادي النومي في التدهور المعرفي وزيادة فرص الإصابة بالخرف في سن مبكرة.

دور البيتا أميلويد والنوم

تتمثل إحدى الآليات المحتملة التي تربط بين النوم وخطر الإصابة بمرض الزهايمر في تراكم بيتا أميلويد، وهو بروتين يشكل لويحات في أدمغة الأفراد المصابين بمرض الزهايمر. تشير الأبحاث إلى أن النوم غير الكافي يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستويات بيتا أميلويد في الدماغ. أثناء النوم، يقوم الدماغ بعملية “التخلص من السموم المتراكمة”، بما في ذلك بيتا أميلويد. عندما يكون النوم مضطربًا أو غير كافي، فقد تتعطل هذه العملية، مما يسمح بتراكم مادة بيتا أميلويد ومن المحتمل أن تساهم في تطور الخرف.

جودة النوم والوظيفة الإدراكية

بالإضافة إلى مدة النوم، تلعب جودة النوم أيضًا دورًا مهمًا في الوظيفة الإدراكية. يؤدي النوم ذو الجودة السيئة، التي تتميز بالاستيقاظ المتكرر والقلق أثناء الليل، بانخفاض الأداء الإدراكي وزيادة خطر الإصابة بالخرف.

وجدت إحدى الدراسات أن الأفراد الذين يعانون من قلة جودة النوم لديهم مستويات أقل من بيتا أميلويد في السائل النخاعي، وهي علامة مبكرة لمرض الزهايمر. وأظهرت دراسة أخرى أن كبار السن الذين يعانون من قصر مدة النوم وقلة جودة النوم كانت لديهم مستويات أعلى من بيتا أميلويد في أدمغتهم مقارنة بمن لا يعانون من مشاكل في النوم. تشير هذه النتائج إلى أن الحفاظ على عادات نوم جيدة ومعالجة اضطرابات النوم قد يساعدان في تقليل خطر الإصابة بالخرف.

أهمية النوم الصحي

يعد الحفاظ على عادات النوم الصحية أمرًا ضروريًا لصحة الدماغ بشكل عام وتقليل مخاطر الإصابة بمرض الزهايمر. فيما يلي بعض النصائح لتحسين جودة النوم:

  • التزم بجدول نوم منتظم: اذهب إلى الفراش واستيقظ في نفس الوقت كل يوم، حتى في عطلات نهاية الأسبوع.
  • خلق بيئة صديقة للنوم: تأكد من أن غرفة نومك مظلمة وهادئة وتتمتع بدرجة حرارة مناسبة.
  • تجنب الأنشطة المحفزة قبل النوم: قلل من التعرض للأجهزة الإلكترونية والأضواء الساطعة، لأنها يمكن أن تؤثر علي جودة النوم.
  • ضع روتينًا لوقت ما قبل النوم: انخرط في أنشطة الاسترخاء مثل القراءة أو أخذ حمام دافئ قبل النوم.
  • قلل من تناول الكافيين والكحول: إذ يمكن للكافيين والكحول أن يؤثرا بشكل سلبي علي جودة النوم.
  • ممارسة الرياضة بانتظام: يمكن للنشاط البدني أن يعزز جودة النوم، ولكن تجنب ممارسة الرياضة في وقت قريب جدًا من وقت النوم.
  • التحكم في التوتر: استخدم وسائل الحد من التوتر مثل التأمل أو تمارين التنفس العميق لتعزيز الاسترخاء قبل النوم.

من خلال إدماج هذه العادات في روتينك اليومي، يمكنك تحسين نومك وتقليل خطر الإصابة بالخرف

استشارة الأطباء

إذا كنت تعاني أنت أو أحد أفراد أسرتك من اضطرابات النوم أو تشتبه في ظهور العلامات المبكرة للخرف، فمن المهم استشارة طبيب. يمكن لأخصائي طب النوم المساعدة في تشخيص اضطرابات النوم وعلاجها، بينما يمكن لطبيب الأعصاب أو أخصائي الشيخوخة تقييم الوظيفة الإدراكية وتقديم الرعاية والاستشارات المناسبة فيما يتعلق بالخرف.

تذكر أن النوم ليس مجرد حالة من الراحة السلبية؛ بل هو عنصر حيوي للحفاظ على صحة الدماغ. قد يساهم وضع النوم الصحي ضمن أهم أولوياتك وعلاج أي مشاكل متعلقة بالنوم في تحسين صحة الدماغ وتقليل خطر الإصابة بمرض الزهايمر والأشكال الأخرى من الخرف.

الملخص

العلاقة بين النوم وخطر الإصابة بمرض الزهايمر هي موضوع بحث مستمر. في حين أن الآليات الدقيقة لا تزال قيد الدراسة، تظهر الدراسات باستمرار أن مدة النوم وجودته تلعبان دورًا مهمًا في الوظيفة الإدراكية وخطر الإصابة بالخرف. من خلال إعطاء الأولوية لعادات النوم الجيدة وعلاج الاضطرابات والحالات الصحية المرتبطة بالنوم والمؤثرة عليه، يمكنك أن تقلل مخاطر الإصابة بمرض الزهايمر والأشكال الأخرى من الخرف. تذكر أن النوم ليس مجرد رفاهية؛ بل هو ركيزة أساسية لصحة الدماغ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Optimized by Optimole